فصل: المكي والمدني

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أصول في التفسير **


 المكي والمدني

نزل القرآن على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مفرقا في خلال ثلاث وعشرين سنة، قضي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثرها بمكة، قال الله تعالى ‏{‏وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 106‏]‏ ولذلك قسم العلماء رحمهم الله تعالى القرآن إلى قسمين‏:‏ مكي ومدني‏:‏

فالمكي‏:‏ ما نزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل هجرته إلى المدينة‏.‏

والمدني‏:‏ ما نزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد هجرته إلى المدينة‏.‏

وعلى هذا فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ من الآية 3‏]‏ من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع بعرفة، ففي الصحيح البخاري ‏[‏أخرجه البخاري كتاب الإيمان باب زيادة الإيمان ونقصانه حديث رقم ‏(‏45‏)‏ ومسلم كتاب التفسير باب في تفسير آيات متفرقة حديث رقم ‏(‏ 3015‏)‏ ‏.‏

‏]‏ عن عمر رضي الله عنه أنه قال‏:‏ قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة‏.‏

ويتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع‏:‏

أ- أما من حيث الأسلوب فهو‏:‏

1- الغالب في المكي قوة الأسلوب، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون، ولا يليق بهم إلا ذلك، أقرأ سورتي المدثر، والقمر‏.‏

أما المدني‏:‏ فالغالب في أسلوبه البين، وسهولة الخطاب، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون، أقرا سورة المائدة‏.‏

2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة، لأن غالب المخاطبين معادون مشاقون، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم، أقرا سورة الطور‏.‏

أما المدني‏:‏ فالغالب فيه طول الآيات، وذكر الأحكام، مرسلة بدون محاجة، لأن حالهم تقتضي ذلك، أقرأ الدين في سورة البقرة‏.‏

ب- وأما من حيث الموضوع فهو‏:‏

الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة، خصوصًا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك‏.‏

1- أما المدني‏:‏ فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات‏.‏

2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاء الحال، ذلك حيث شرع الجهاد، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي‏.‏

فوائد معرفة المدني والمكي‏:‏

معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة، وذلك أن فيها فوائد منها‏:‏

1- ظهور بلاغة القرآن في أعلى مراتبها، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة، أو لين وسهولة‏.‏

2- ظهور حكمه التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئًا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ‏.‏

3- تربية الدعاة إلى الله تعالى، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القرآن في الأسلوب والموضوع، من حيث المخاطبين، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم، وستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها‏.‏

4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية، يتحقق فيهما شروط النسخ، فإن المدنية ناسخة للمكية، لتأخر المدنية عنها‏.‏